إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
184819 مشاهدة print word pdf
line-top
السبب في عدم تعرف الكثيرين على الله

...............................................................................


وإذا قيل: لماذا الخلق الكثير لم يعرفوه ولم يعترفوا بحقه، ولم يعبدوه حق عبادته مع أنه تعرَّف إلى عباده بهذه المخلوقات التي نصبها دالة على عظمته؟ فالجواب أنه تعالى أخبر بأن الكثير من عباده لا يتفكرون ولا ينظرون، ولا يعتبرون فيما بين أيديهم وفيما خلفهم، وأنه سلط عليهم ما أذهب بصائرهم، وذلك بأنه خلق الخلق وجعل منهم قسمًا للنار وقسمًا للجنة قال الله تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ .
فهؤلاء الذين ينظرون في آيات الله تعالى، وينظرون في مخلوقاته، ويسمعون كلامه يتلى عليهم، وكذلك أيضًا لهم عقول ولهم أفهام؛ لكن عقولهم وأفهامهم عقول معيشية دنيوية. لا يتفكرون إلا في أمورهم الدنية، في أمور الدنيا؛ لذلك صدهم نقص عقولهم عن أن يتفكروا في المخلوقات، وإلا فلو تفكروا في أدنى المخلوقات إليهم أو في أنفسهم لعرفوا عظمة من خلقهم، لو تفكروا في خلق أنفسهم لعرفوا عظمة الخالق الذي أوجد الإنسان على هذه الخلقة هذه الكيفية، وكذلك لو تفكروا في المخلوقات صغيرها وكبيرها لعرفوا أيضًا أنه سبحانه هو الذي أوجدها وأنه أهل أن يعبد. ثم من حكمة الله تعالى أنه سلط الأعداء الذين يصدون عن سبيل الله، وإلا لو لم يكن هناك أعداء يصدونهم عن السبيل لما حصل هذا الإعراض وهذا الابتعاد من كثير من العباد.

line-bottom